نجاحات لقصص واقعية لمدمنين على الترامادول.. طريق مضيء للشفاء

عند قراءة قصص واقعية لمتعافين من الترامادول سنجد العبرة والعظة وأسلوب حياة قد ينقذك من براثن الإدمان ويدلك على الطريق الصحيح، وغالبًا ما تبدأ تلك الحكايات بفضول من الشخص نفسه لتجربة شيء جديد أو نتيجة تشجيع أو تنمر من بعض أصدقاء السوء.
وتبدأ رحلة التعافي عندما يقتنع المدمن بضرورة العلاج ويقف وقفة مع نفسه لوضع حد للأضرار الواقعة عليه، في هذا المقال نتناول قصصًا حقيقية للعائدين من اضطراب تعاطي تلك الحبوب بحكايات مؤثرة، ولكنهم استطاعوا الصمود وتخطوا مرحلة الخطر لبدء حياة جديدة مستقرة.

حكايات للمتعافين من الترامادول

يعتقد البعض أن إدمان الترامادول قرار شخصي، أو استهتار ولا يدرك أن نسبة كبيرة من الحالات تقع في هذا الشرك دون رغبتها وخاصة الطلاب والأمهات الذين يرغبون في تعزيز قوة تحملهم لتلبية متطلبات الحياة كما سنرى في التجارب التالية.

قصة إدمان أم

تقول م. ع أنا سيدة أبلغ من العمر 29 عامًا رزقت بتوأم ومع متطلباتهم وأعمال المنزل بدأت أشعر بأنني في دوامة، فأنا لا أستطيع النوم بشكلٍ كافٍ ولا أستطيع القيام بواجباتي المنزلية وزاد الأمر سوءًا عندما مرضت والدتي وكنت اضطر إلى رعايتها مع مسؤوليتي تجاه بيتي وأطفالي.

نصحتني صديقة بتناول حبة ترامادول بعد الإفطار لأستطيع تحمل وأداء واجباتي، ومع ضغط العمل والواجبات المنزلية قررت أن أتناول حبة واحدة كتجربة وهنا بدأت القصة بعد تناول الحبة لم أشعر بأي ألم أو تعب أثناء قيامي بواجباتي المنزلية وشعرت بالنشاط والإنجاز، فقد قضت على آلام الظهر والقدمين التي أشعر بها منذ رزقت بأطفالي فضلًا عن الشعور الزائف بالسعادة الذي يعززه الترامادول وهذا ما علمته فيما بعد خلال رحلة التعافي.

حاولت في اليوم التالي مزاولة مهامي المعتادة لكن مع تكرار الضغط والمسؤوليات ضعفت وقررت أخذ حبة أخرى وهكذا في الأيام التالية، أبدأ اليوم بقرار وقف تناول الحبوب ثم ينتهي بي الأمر إلى أخذ الحبة، وتوالت المرات وفي كل مرة أشعر بأن تأثير الدواء يقل إلى أن وصلت إلى تعاطي حبتين.
تدهورت حالتي وأصبت بالاكتئاب وفقدان الشهية وفقدان التركيز، ونحف وزني وأصبحت أشعر بآلام في البطن ولاحظ من حولي ذلك.

أنكرت وجود مشكلة في البداية وحاولت الإقلاع بتقليل الجرعات لكني فوجئت برغبة شديدة في تناول الدواء وفشلت مرة بعد مرة، واستمرت حالتي بالتدهور، لذا اضطررت إلى مصارحة زوجي وأمي بالحقيقة.

لم يلُمني أحدٌ منهم بالعكس بدأنا في خطوات عملية لحل المشكلة، والتعرف على الخطوات الصحيحة لعلاج الإدمان ولجأنا إلى مركز من المراكز المتخصصة الذي أوصى بضرورة العلاج داخل المركز، وذلك لأن أعراض الانسحاب شديدة نفسية وجسدية ويمكن أن تحدث بعض التشنجات المصاحبة لانسحاب الدواء من الجسم؛ لذا لا يمكن الإقلاع عن الترامادول دون مساعدة متخصصة.

بدأت رحلة العلاج ووصف لي الأطباء بعض المسكنات ومضادات الاكتئاب التي تعمل على تخفيف أعراض الانسحاب.

مع تقديم الدعم النفسي والمعنوي تخطيت تلك المرحلة بنجاح، ولم تكن أعراض الانسحاب بالشدة التي تخيلتها وذلك لأني حسب رأي الطبيب لم أكن أتعاطى كميات كبيرة من الترامادول ولم تتجاوز فترة إدماني ثلاثة أشهر، كما أثر الدعم النفسي الذي حصلت عليه في إرادتي وأعطاني دفعة قوية لأستمر في التعافي وأتجاهل الصعوبات.

والآن أشعر أني ولدت من جديد الحياة بعد الترامادول أكثر خفة وراحة ونشاط، كما تعلمت خلال خطة التأهيل النفسي طلب المساعدة وقت الاحتياج فكلنا بشر ذوو قدرات محدودة ولا يمكن لأحد أن يكون بطلًا خارقًا للطبيعة.

من قصص الطلبة مع الترامادول

يحكي أ. س قصته يقول أنا شاب في الرابعة والعشرين من عمري بدأت تجربتي مع الترامادول في سن السابعة عشرة بتشجيع من أحد زملائي، الذي استغل حبي للدراسة والتفوق، إذ كنت أواصل الليل بالنهار لأدخل الكلية التي أرغب بها.

شجعني على تعاطي الترامادول لأنه يحفز القوة والنشاط وبذلك أستطيع مواصلة المذاكرة دون الشعور بالرغبة في النوم وعندما رفضت سخر مني وقال إني طفل صغير لا أستطيع فعل أي شيء دون إذن أبي وأمي مما دفعني لأخذ الحبة.

في البداية شعرت بالسعادة والنشاط وواصلت الدراسة بالفعل طوال الليل ولم أكن أنوي تكرار التجربة، لكني في اليوم التالي تناولت حبة بهدف إنجاز أكبر قدر من دروسي وهكذا في كل يوم.

بدأ مفعول القرص يقل وبدأت أزيد الجرعة نصف قرص في كل مرة، إلى أن وصلت إلى تناول أربع حبات يوميًا ومع هذا لا أصل إلى الشعور الأول بالنشاط والسعادة بل زاد الأمر إلى أنني لا أستطيع النهوض من السرير دون تناول حبتين على الأقل.

بدأ سلوكي يتغير فأصبحت أكثر عصبية وبدأت أعاني أضرار تناول الترامادول النفسية والجسدية فارتفع ضغط الدم، وبدأت أدوار البرد تتكرر بصفة دائمة، وأصبت برعشة في يدي واكتئاب شديد.

فقدت تفوقي والكلية التي أرغب في دخولها وأصبحت علاقتي مع أسرتي سيئة وعلى الرغم من تغير طباعي إلا أن أسرتي لم تفطن إلى تلك العلامات بل اعتقدوا أن السبب هو انضمامي إلى أصدقاء السوء.

تمكن المخدر من جسمي فبدأت أحاول التوقف عن التعاطي وحاولت اتباع النصائح الموجودة على الإنترنت، لكن الأعراض الانسحابية كانت شديدة لم أستطع تحملها، لذا شعرت أنني بحاجة إلى المساعدة فصارحت عائلتي بما أنا فيه ورغم صدمتهم الشديدة إلا أنهم وقفوا بجانبي وبحثوا عن أفضل مراكز علاج الإدمان التي توفر المساعدة النفسية والجسدية وبعد الاقتناع بمركز محدد بدأنا رحلة العلاج والتعافي بالخطوات التالية:

  • تحديد خطة العلاج وتقييم الوضع الحالي
    بدأ العلاج بجلسة طويلة مع الأطباء وتقييم حالتي الصحية والنفسية وتم وضع خطة العلاج الصحيحة والأدوية المناسبة التي تساعد في تخفيف أعراض الانسحاب.
  • مرحلة سحب السموم
    بدأ الأطباء مساعدتي في التعامل مع أعراض انسحاب الترامادول دون ألم بتناول الأدوية المناسبة التي ساعدتني في تخطي تلك المرحلة مع قياس العلامات الحيوية ومتابعة حالتي الصحية باستمرار.
  • التأهيل النفسي
    بدأ الأطباء في تقديم جلسات علاج نفسي لعلاج الآثار النفسية التي تركها الإدمان على صحتي النفسية والهشاشة النفسية التي أدت بي إلى إدمان الترامادول في بادئ الأمر.
  • الرعاية بعد التعافي
    أصر الأطباء على أن علاقتي بالمركز لم تنته عند هذا الحد بل ينبغي حضوري لقاءات دعم دورية للتأهيل حتى اندمج مع المجتمع مرة أخرى وأستطيع شق طريقي في الحياة.

وبعد العلاج أشعر الآن أني إنسان مختلف ولا أستطيع أن أصف سعادتي بالتعافي فأنا لأول مرة منذ فترة طويلة أقرر ما أفعل في يومي بحرية تامة دون الوقوع تحت وطأة الإدمان واستطيع استدراك ما فاتني بسببه فقررت تعلم مهارة جديدة والعمل بها مع التقديم في الجامعة مرة أخرى حتى أحصل على شهادتي العليا.

أبطال آخرين وراء تجارب المدمنين وتعافيهم

من قصص المتعافين التي تبدأ كلها بكلمة أنا مدمن ترامادول وشعورهم بالخزي من مصارحة ذويهم لوقوعهم في فخ الإدمان إلا أن العامل المشترك في رحلة تعافي المدمنين يبدأ بدعم من ذويهم والبحث عن أفضل مركز لعلاج حالات الإدمان.
ورغم أن المدمن المتعافي بطل لا يمكن أن ننكر بطولته وصموده إلا أن أسرته وأصدقائه والأطباء المتابعين لا يقلون بطولة عنه وذلك لأنهم لبنة أساسية في رحلة العلاج والتعافي فبدون الدعم النفسي والتشجيع لا يمكن لمدمن الترامادول أو أي مادة مخدرة أن يتعافى.

الخلاصة

قصص واقعية لمتعافين من الترامادول أوضحت لنا حقيقة الوهم الخادع بالنشاط والسعادة الزائفة بتناول حبة دواء وضرورة مراقبة الأهل للأولاد وطلب المساعدة عند الشك في علامات الإدمان، فدور الأسرة لا يقل أهمية عن دور الأطباء في النجاة من شرك الإدمان.

للكاتبة/ أ. غادة

تقدم مستشفى دار الهضبة محتواها تحت إشراف الأطباء المتخصصين كتابة ومراجعة من أجل الإجابة على كافة الاستفسارات الطبية حول الموضوع المتعلق بالمقال، غير أن كافة المعلومات الواردة ما هي إلا نظرة عامة قد لا تنطبق على جميع المرضى، ولا يستغنى بها عن الاستشارة الطبية المباشرة ومراجعة الأطباء، لذا الموقع يعلن إخلاء مسؤوليته الكاملة عن اتخاذها مرجعا كاملا سواء للتشخيص أو العلاج، بل من أجل التعرف على معلومة طبية موثوقة يتم مراجعتها وتحديثها بشكل دوري كمؤشر عام يوجه في المقام الأول إلى الاهتمام بالحالة المرضية عبر رؤية وتدخل الجهات الطبية المنوطة.

أ / هبة مختار سليمان
أ / هبة مختار سليمان

(أخصائية نفسية) مديرة قسم السيدات فرع اكتوبر – تمهيدي ماجستير جامعة المنصورة. –دبلومة العلاج المعرفي السلوكي. – دورة تعديل سلوك مركز البحوث جامعة القاهرة اعداد البرامج العلاجية.

عرض