الإنتكاسة بعد الاستقامة.. المراحل والمحفزات التي تشجعها

تُعدّ مرحلة التشافي طريق شائك ومليء بالعقبات والهفوات، يُعتبر الإنتكاس أمر متوقع وشائع الحدوث عند محاولة التعافي من إدمان عادة أو مادة ما، لكن لا يمكن اعتبارها دليل على ضعف أو فشل العملية العلاجية، حيث يتعلق الأمر بقوة إرادة المريض في السيطرة على رغباته وتحويل عملية الانتكاس إلى هفوة أو زلة مؤقتة يعود بعضها إلى الالتزام بالعلاج والوصول إلى مرحلة تشافي مستديم. نتحدث في هذا المقال عن شرح المفهوم العام لانتكاسة العادة، وكيف يحدث الإنتكاس في حالة الإدمان مع شرح العلامات التي تُنذر بحدوث إنتكاس والمراحل التي يمر عبرها المريض.

ما هي الإنتكاسة للعادة؟

تُعرّف بأنها عودة المريض إلى العادة التي أدمنها سابقاً بعد فترة من الامتناع والدخول في حالة تعافي، ويُعدّ أمر محبط يعود فيه المريض إلى عادة قديمة سيئة بعد فترة من النقاهة أو الشفاء الظاهري، على سبيل المثال تحدث انتكاسة مدمن الكحول عبر أخذ رشفة من الكحول، بينما ينتكس مدمن التدخين بمجرد أخذ نفخة واحدة، أو ممارسة العادة السرية بعد فترة انقطاع مما يفصل بين المدمن والاعتماد على الأنشطة الصحية لتحقيق الرفاهية.

تحدث الإنتكاسة بعد الاستقامة في أغلب الأحيان نتيجة المرور بالسيناريوهات الشائعة التالية:

  • المرور بحالة عاطفية سيئة أو مزعجة مثل حدوث انفصال عاطفي أو حالة فقدان أو وفاة.
  • الشعور بالملل والوحدة وتكرار روتين الحياة.
  • وجود مشاكل مهنية ومالية.
  • عدم معالجة مشاكل الصحة العقلية المتزامنة مع حالات الإدمان، حيث يُعاني 42.1 مليون بالغ من مرض عقلي نتيجة اضطراب تعاطي المخدرات.
  • الانخراط في ممارسة أنشطة مجهدة ومسبّبة للضغط، مثل قبول وظيفة متعبة أو صداقة سامة.
  • التواجد في مكان يتم فيه ممارسة هذه العادة مثل تواجد مدمن التدخين السابق  في المقاهي أو تواجد مدمن الكحول السابق في النوادي.
  • عدم بذل المدمن الجهد الكافي للتعافي وعدم منح الأولوية لذلك.
  • عدم تلقي الدعم الكافي من المجتمع المحيط،  مما يجعل من الصعب البقاء متيقظ للعلاج، بالتالي تسهل عملية العودة والانحراف للعادات القديمة.
  • فكرة التعافي كانت لأجل شخص ما في المحيط بينما يجب أن يكون التعافي من أجل مصلحة المريض نفسه.
  • الخوف من الفشل يدفع المدمن إلى عدم بذل جهده بالكامل في الإقلاع، بينما يحتاج الأمر أن يتقبل فكرة الفشل وألا يخاف منها.
  • عدم وجود خطة علاجية صحيحة بعد مغادرة المركز الصحي

يُفسّر حدوث الانتكاس عند المريض بسبب شعوره بالسعادة والمتعة عند ممارسة العادة القديمة، حيث يَصعب على المريض التوقف عن هذه العادة بسبب رغبته الكبيرة بالقيام بها،  إلّا أنّه لا يُدرك أن هذه السعادة قصيرة الأمدّ بينما العواقب ستكون وخيمة على المدى الطويل، حيث يُساعد الوعي بالنتائج السلبية الكامنة وراء استمرار هذه العادة في التوقف عنها، وذلك عبر القراءة والإطلاع عبر الإنترنت عن آثارها الضارة، كما أن الإبتعاد عن المحفزّات التي تُذكرك بإدمان تلك المادة له وشعور النشوة الذي يتبعه له دور كبير في منع الإنتكاس.

الانتكاسة في الادمان وخطورتها على المدمن

تُعرّف الإنتكاسة في الإدمان بأنها خروج المدمن عن نمط الحياة النظيف من تعاطي الكحول أو المخدّرات بأنواعها، حيث يعود المدمن إلى التعاطي مرةً أخرى بنفس المستوى السابق أو قريب منه وذلك بعد أن أقلع منه، كما أنّه يعود إلى نفس الدوامة من السلوك القهري والتعاطي، لا بدّ من الإشارة إلى أن التعرّض للانتكاسة أمر شائع الحدوث في فترة تعافي المريض، وهو مرض يتساوى معدّل الإصابة به مع معدّل انتكاسة ضغط الدم والربو والأمراض المزمنة الأخرى.

قد يحدث الإنتكاس عبر تعاطي نفس المادة المخدّرة أو إساءة استخدام مادة أخرى، بالتالي لا يقتصر الأمر على استخدام نفس مادة الإدمان السابقة، حيث ينحرف المريض خلال هذه الفترة عن أهدافه في تجنّب التعاطي والابتعاد عنه، وهو أمر مختلف عن الانقطاع، حيث يُعدّ الانقطاع فاصل زمني يتعاطى فيها المريض  مع نيته في العودة إلى الإقلاع والالتزام بالتعافي، أي أنّه خروج مؤقت عن خطة العلاج بينما تُعدّ الانتكاسة نية بالخروج الدائم، وقد تحدث بعد فترة قصيرة من التعافي أو بعد فترة طويلة، لكن غالباً ما يحدث خلال الشهور الأولى منه، تكمن خطورة الإنتكاس في عودة المريض إلى الإدمان مما يستوجب عليه إعادة العلاج ضمن المركز الطبي مرةً أخرى.

مراحل الانتكاسة

تظهر بعض العلامات المبكرة التي تُنذر بحدوث انتكاس في المستقبل منها الانعزال، المزاج المتقلب، الشعور بالإكتئاب والقلق التفكير الدائم في إلى التعاطي، التفكير بإيجابية في المخدر، العودة لممارسة السلوك غير الصحي، التهرب من واجبات التعافي، التخطيط للانتكاس، ظهور نمط سلوك قهري.

على الرغم من سرعة حدوث الإنتكاس  إلّا أنّه يمرّ وفق ثلاث مراحل، يساعد ملاحظة هذه المراحل في منع حدوث انتكاس وهي ما يلي:

مراحل الانتكاسة

الانتكاس العاطفي:

وهي مرحلة الأولى التي تُنذر بتدهور عملية التعافي عند المريض، على الرغم من تركيزه على عدم حدوث انتكاسة، إلّا أن المريض يدخل في صراع مع عواطفه وسلوكياته، ويتجنّب الحديث عن ذلك أو التصريح به، مما يُدخله في حالة إنكار للمشكلة، ينعكس ذلك على شعوره بالقلق والانفعال وعدم الراحة طوال الوقت. يساعد مشاركة المريض لأفكاره مع الآخرين في تخفيف اعراض هذه الفترة وتقليل احتمالية تطوّر الخالة إلى الانتكاس العقلي.

الانتكاس العقلي:

وهو عبارة عن حرب ضروس تدور داخل عقل المريض، وهي مرحلة ذهنية صعبة حيث أن جزء منه يرغب في التعاطي وجزء آخر يرغب في التعافي والشفاء، مع الوقت يفقد المريض إدراكه لمخاطر العودة إلى تناول تلك المادة كما أن مقاومته المعرفية تقلّ، وتزداد رغبته في التعاطي، وكلما خاضوا في التفكير أكثر كلما كانت فرصة الوصول إلى إنتكاس جسدي أكبر.

أفضل حلّ لتفادي هذه المرحلة هو وجود خطة احتياطية للتصرف عند الشعور بهذا الصراع، وتذكير النفس دائماً بالعواقب التي تنتظره في حال حدوث انتكاس، والتحدث مع أحد الأصدقاء الموثوقين، كما يساعد أيضاً إلهاء النفس عند ظهور هذه الأفكار والتي تستمر عادةً لمدّة 30 دقيقة، وكذلك محاولة الاسترخاء وتقليل التوتر وممارسة التنفس العميق.

الانتكاس الجسدي:

وهي المرحلة الأخيرة التي يصل إلى المريض والتي تؤكد حدوث انتكاس للتعافي، عبر ظهور مجموعة من العلامات التي يبدأ بملاحظتها الوسط الاجتماعي المحيط بالمريض، في هذه المرحلة يُبرر المريض لنفسه أنه عاد من أجل تناول هذه المادة مرة واحدة فقط، وبعدها سيعود للتعافي، إن مقدار التزامه بهذا التبرير يُحدد إمّا أنها زلة مؤقتة أو زلة دائمة.

لا يستغرق الأمر وقت طويل للوصول إلى انتكاس جسدي بعد المرور بالمراحل السابقة،  والحلّ في هذه الحالة هو طلب المساعدة من صديق موثوق لتقديم المساعدة قبل فوات الأوان.

تُعدّ إزالة العادات القديمة والتخلّص منها هي أفضل الطرق للحماية من حدوث الانتكاس، وذلك عن طريق البدء بممارسة عادات صحية جديدة، حيث يمكن اتباع النصائح التالية كما يلي:

  • وضع حدود صارمة للعلاقات مع الأشخاص الذين كانوا شركاء في مرحلة الإدمان.
  • بناء صداقات جديدة مع أشخاص ذوي سلوك مستقيم وكذلك مع الأشخاص في مرحلة التعافي.
  • تغيير عادات النوم السيئة من السهر والنوم في وقت متأخر.
  • تنظيم جدول صحي لمواعيد النوم يتم تحديد فيه ساعة مبكرة للاستيقاظ صباحاً وموعد النوم ليلاً لا يتأخر عن الساعة 10 مثلاً.
  • التخلص من عادات الأكل السيئة والابتعاد عن الأكل والوجبات السريعة.
  • التركيز على تناول طعام مغذي غني بالعناصر الغذائية المفيدة.

تساعد النشاطات التالية في تعزيز عملية شفاء العقل والجسد والروح وهي:

  • سماع الموسيقى.
  • التأمل وممارسة اليوجا.
  • القيام بجولة على الأقدام.
  • ممارسة الرياضة.
  • مشاهدة الفن.

في حال حدوث انتكاسة في الإدمان ننصح بالتوجه مباشرةً إلى مستشفى دار الهضبة الاختصاصي في معالجة حالات الإدمان، حيث يُعدّ من أفضل المراكز الطبية المعنية في توفير برنامج علاج شامل تُناسب حالة المدمن، تحت إشراف نخبة من أفضل الأطباء والمعالجين.

يمكن الحصول على المساعدة اللازمة من مستشفى دار الهضبة عبر التواصل مع الطاقم الطبي على الرقم التالي 01154333341.

الخلاصة

إلى هنا نكون قد انتهينا من المقال بعد أن شرحنا معنى الإنتكاسة من العادة، وخطورة التعرّض للإنتكاس خلال فترة العلاج من الإدمان، إلّا أنها ليست نهاية العالم، إنما أمر متوقع حدوثه في معظم حالات الشفاء، يُساعد زيادة وعي المريض وإدراكه علامات الانتكاس العاطفي والعقلي والجسدي في تدارك الحالة ومعالجتها قبل حدوث الإنتكاس الجسدي، كما أن قوة الإرادة إلى جانب تبنّي نمط حياة صحي يساعد في تلافي حدوث الإنتكاس.

للكاتبة / ا. رشا

الأسئلة الشائعة

تقدم مستشفى دار الهضبة محتواها تحت إشراف الأطباء المتخصصين كتابة ومراجعة من أجل الإجابة على كافة الاستفسارات الطبية حول الموضوع المتعلق بالمقال، غير أن كافة المعلومات الواردة ما هي إلا نظرة عامة قد لا تنطبق على جميع المرضى، ولا يستغنى بها عن الاستشارة الطبية المباشرة ومراجعة الأطباء، لذا الموقع يعلن إخلاء مسؤوليته الكاملة عن اتخاذها مرجعا كاملا سواء للتشخيص أو العلاج، بل من أجل التعرف على معلومة طبية موثوقة يتم مراجعتها وتحديثها بشكل دوري كمؤشر عام يوجه في المقام الأول إلى الاهتمام بالحالة المرضية عبر رؤية وتدخل الجهات الطبية المنوطة.

أ / هبة مختار سليمان (أخصائية نفسية) مديرة قسم السيدات فرع اكتوبر

– تمهيدي ماجستير جامعة المنصورة. –دبلومة العلاج المعرفي السلوكي. – دورة تعديل سلوك مركز البحوث جامعة القاهرة اعداد البرامج العلاجية.

اكتب ردًا أو تعليقًا