كيف تكون تصرفات المريض النفسي؟ وكيف تتعامل معها

تصرفات المريض النفسي قد تكون خارج التوقع، أو مصدر من مصادر القلق والارتباك لدى الأسرة، خاصة إذا كان المريض لم يبدأ علاجه بعد ومازال في مرحلة التشخيص المبكر الذي قد يستغرق وقتا مع بعض الاضطرابات العقلية. تعد معرفة كيف يمكن أن يتعامل المضطرب عقليا أو نفسيا مع نفسه، اسرته والناس من حوله خطوة هامة لتدعيم التواصل الشعوري وخلق سبل دعم واتخاذ الاحتياطات وأيضا مساعدة المريض على تقبل العلاج والانفتاح على جدواه.

أبرز التصرفات التي تصدر من المريض النفسي

تختلف أعراض الاضطراب النفسي والعقلي من تشخيص مرض إلى آخر، إلا أنه هناك بعض التصرفات الشائعة التي تصدر من المرضى النفسيين والتي يمكن توقعها قبل حتى الخضوع للتشخيص سواء كان سلوكا ذاتيا أو مع الناس أو ضمن السمات الشخصية والنمط اليومي، قد تشمل تلك التصرفات ما يلي:

أبرز التصرفات التي تصدر من المريض النفسي

الألم العاطفي والحزن

عادة ما يكون هناك ألم عاطفي دفين يجعل اي شخص يعاني من اعتلال نفسي يبكي بصورة مفاجئة ولا إرادية ويتصرف بحساسية وحزن ويرجع ذلك إلى تضخم جلد الذات، الشعور المتجذر بالذنب، غلبة الشعور بالاضطهاد، أو التعرض لمثير غير متوقع أثار مشاعر صادمة.
يكثر ذلك التصرف عند مرضى الاكتئاب، القلق والتوتر، اضطرابات ما بعد الصدمة وغيرها.

الانطواء والانسحاب الاجتماعي

حيث يفضل الوحدة وكبت عواطفه ومشاعره، والهروب من التجمعات، وعدم تفضيل إقامة علاقات اجتماعية، لاعتقاده بأنه سيكون أفضل، أو بسبب الرهاب الذي ينتابه عند التعامل في تجمعات.

الشعور الدائم بالمرض الجسدي

غالبا ما تكثر شكواه من آلام جسدية وعضلية، صداع، اضطراب في الجهاز الهضمي، ألم في منطقة البطن، وذلك دون وجود اي مبرر طبي لذلك، كما ينتابه الخمول والتقاعس عن أداء المسؤوليات والمهام.

هلاوس سمعية وبصرية

من ضمن أبرز تصرفات المريض النفسي الكلام بصوت مرتفع مع أشخاص غير موجودين، أو القيام بسلوك مفاجئ غير طبيعي وذلك ينبع من المعاناة من الهلاوس السمعية والبصرية التي تتراوح شدتها من الخفيفة إلى الشديدة حسب تشخيص المرض.

غضب وهياج

بسبب الألم العاطفي الدفين الذي يعاني منه أو عدم قدرته على تنظيم مشاعره، مما يؤدي إلى سيطرة نوبات الغضب والهياج عليه دون وعي.

تضخم القلق والمخاوف

يعاني بعض المصابين بالاضطرابات العقلية من مخاوف غير حقيقية، وتضخم أحاسيس القلق والتوتر في بعض المواقف المعينة أو العامة، وقد يكون يصاحب ذلك أعراض جسدية إذا أصيبوا بنوبة هلع.

أوهام

في حالة الأوهام قد يكون تصرفات المريض النفسي مع الناس مسالما لأنها تكون أوهام ذاتيه، وقد يكون عدائيا يصل لأذى الغير بسبب أوهام مصحوبة بشك فيمن حوله خاصة في مرض جنون العظمة أو نوبات الذهان والفصام.

الانخفاض والارتفاع بشكل مفاجئ

قد يكون تغير مستوى الطاقة والنشاط بشكل مفاجئ أحد أشكال السلوك المضطرب، حيث يتملك المريض نوبة من الخمول والكسل، ثم تتحول إلى نوبة من الهوس والطاقة المفرطة التي يتبعها اندفاع، ذلك شائع عند مرضى اضطراب ثنائي القطب، أو مرضى قصور الانتباه وفرط النشاط.

أفكار مشوشة

قد تكون الأفكار المشوشة وغير الواضحة، والكلام المبهم المتداخل من سمات الاضطراب العقلي، إلا أن ذلك لا يمنع أن يكون المريض النفسي متسما بالذكاء، وهناك مبدعون بارزون ومؤثرون في المجتمعات مشهود لهم بمستوى الذكاء العالى ثبت أنهم مرضى نفسيين من الأساس.

سيطرة الأفكار الانتحارية

حيث تظهر سلوكيات خطيرة ونشاطات اندفاعية متهورة تنم عن سيطرة الفكر الانتحاري أو التحدث عنه أو استغراق وقتا طويلا للتفكير في الانتحار.

أهمية التشخيص المبكر

الاستشارة النفسية المبكرة من أهم السبل التي يمكن من خلالها احتواء وإدارة أعراض المرض النفسي قبل أن تتحول إلى تصرفات خطيرة تؤذي المريض ومن حوله.
أحيانا قد يستغرق الطبيب بعض الوقت من أجل الوصول إلى التشخيص الدقيق، خاصة إذ ظهرت على المريض سلوكيات عامة مشتركة مع العديد من الأمراض.
لذلك نوصي بضرورة مراجعة الطبيب فور ظهور سلوكيات تنم عن اضطراب في العاطفة، السلوك، الأداء، المزاج، حيث يمكن إدارة الأعراض بالأدوية أو الاكتفاء بالجلسات الفردية أو الجماعية للوصول إلى تحسن ملحوظ في حالة المريض.

هل التعافي ممكنا؟

في حالة المريض النفسي هناك دائما احتمال قائم للتعافي من الاضطراب العقلي المصاب به وتصحيح السلوكيات والتصرفات الغير مرغوب فيها، وتنمية المهارات والقبول الذاتي ورفع الثقة بالنفس، وذلك عبر الحصول على الدعم الطبي في الوقت المناسب، والتحالف مع الطبيب لتحديد أفضل الوسائل العلاجية، وخطة الرعاية الذاتية.

خلال رحلة التعافي قد يكون هناك انتكاسات متفرقة ولكنها غير مؤثرة، يمكن للمريض السيطرة عليها بعدما يخضع للعلاج ويصبح أكثر قدرة على إدارة عواطفه وتوجيه سلوكه.
مع الأمراض المزمنة قد يكون الشفاء بصورة نهائية أمرا صعب المنال، ولكن دائما يتواجد حلا طبيا للوصول إلى قدر ملائم من التأقلم والتحسن، وتمكن المريض من إحداث تغييرات جوهرية والعيش بصورة أفضل.

كيفية التعامل مع السلوك اليومي للمريض

سواء كانت السلوكيات اليومية للمريض النفسي متوقعة أو مفاجئة، يجب أن تكون الأسرة على أتم الاستعداد لتقديم الدعم والتعاطف الصحي، والتخلص من مشاعر التوتر أو الخجل من المجتمع عبر تقبل الامر بشكل واقعي، التفكير بإيجابية فيما يخص بدء العلاج، فهم مشاعر المريض وإدارك أن تصرفاته خارجة عن إرادته ولا بتعمد إثارة الفوضى أو الإحراج.

يمكن اتباع بعض النصائح التي من شأنها أن تساعد في التعامل الصحيح مع المريض النفسي وسلوكه اليومي:

  • انصت إليه جيدا: كثيرا ما يكون المريض بحاجة للشعور بالتعاطف معه والدعم المنفتح الغير مرفوق بأحكام، ذلك يشعره بالحب والاطمئنان ويرفع من ثقته ويجعله أكثر استعداد لمشاركة عواطفهم مما يعود بالإيجاب عليه
  • تواصل معه بطرح الأسئلة: من أهم سبل التواصل حتى يتنامى لديه الشعور بالاهتمام.
    ومن الأسئلة التشاركية التي يمكن طرحها على المريض النفسي:: كيف حالك اليوم؟، بماذا تشعر؟، ما الأعراض التي انتابتك؟، هل واجهت صعوبة خلال يومك؟، هل هناك ما يمكن أن أقدمه لك؟، وعادة قد لا تجد إجابة كافية منه، لكن لا تكف عن طرحها فهي مهمة لبقائهم على قدر مناسب من الاتزان السلوكي.
  • لا تخلط وتقارن مشاعرك بمشاعره: من المهم ألا تبدي معرفتك بمشاعر المريض طالما أنك لست متأكدا مما تقول، قد يغمرك الحزن، لذا لا تتعمد وضع مقارنة بين ما تمر به وما يشعر هو، قد يدخله ذلك في ازمة ثقة أو الشعور بعدم اهمية ما يمر به.
  • لا تلقى أحكاما على وضعه حتى لو كانت إيجابية: يكمن التشخيص والدعم الأمثل في المشاركة والتواصل أن يشعرد المريض بالراحة، لذا لا تركز على إطلاق الأحكام التشجيعية الجافة مثل أنت قوي، أنت أفضل، يمكنك الاستمتاع، حيث أن تلك التوجيهات والتعليقات قد تنقل إليه شعورا بالانتقاص وانعدام الجدوى لأنه من داخله لا يرضى على تصرفاته من الاساس وتلك التوجيهات تزيد عدم قبوله لسلوكه.
  • تحلى بالصبر: فالانعزال والانسحاب قد يكون سمة أساسية من الاضطراب، لذا إذا لم يتقبل دعمك فلا تقنط، هو لا يكره بقاءك بجانبه، بل يتحاشى الشعور بأنه حمل ثقيل.
  • شاركهم إنجاز المهام: بسبب آثار الخمول والتعب قد يكون أصغر عمل يومي ثقل كبير على المريض، لذا اعرض بود وشغف خدماتك للمساعدة.
  • لا تأخذ تصرفاتهم على محمل شخصي: لا تتوقع عطاء مقابل مساعدتك، لذا امنحهم دعمك اللامشروط، ولا تجعل مرضهم خطأ متصل بك، فقط عاملهم كما هم.. احبائك وبحاجة لوجودك.
    حفزهم لطلب المساعدة الطبية: إذ من المهم ان يعرف المريض أن حالته قابلة للعلاج، وحتى وان كان يرفض ذلك، يمكن عرض الحالات التي شفيت أو تأقلمت مع المرض بصورة صحية.
  • امنحه الخصوصية: فليس من الضروري أن يبقى المريض منشغلا طوال الوقت أو منخرطا في نشاط ترفيهي، فإذا ابدى رغبته في الانسحاب، فاترك له الخيار وادعمه فيه.

فقط تواصل مع مختص دائما لطلب المشورة وتحديد أفضل وقت لبدء العلاج، عبر الاتصال بمركز دار الهضبة: 01154333341.

الخلاصة

عند فهم مصدر تصرفات المريض النفسي سندرك أنها نابعة من تخوفاته وعدم قدرته على إدارة عواطفه أو ترتيب أفكاره و التحكم في أدائه، قد تكون عبارة عن سلوكيات انطوائية، أو عدائية أو أفكار غريبة و التحدث بشكل خيالي غير واقعي.
العلاج المبكر والتشخيص يحد من تلك الأعراض ويمنع المضاعفات، والتعافي أمر ممكن إذا كان جنيا إلى جنب مع تطبيق طرق التعامل اليومية مع سلوكيات المريض النفسي كما وضحنا أعلاه.

ا. الهام عيسي

الأسئلة الشائعة

تقدم مستشفى دار الهضبة محتواها تحت إشراف الأطباء المتخصصين كتابة ومراجعة من أجل الإجابة على كافة الاستفسارات الطبية حول الموضوع المتعلق بالمقال، غير أن كافة المعلومات الواردة ما هي إلا نظرة عامة قد لا تنطبق على جميع المرضى، ولا يستغنى بها عن الاستشارة الطبية المباشرة ومراجعة الأطباء، لذا الموقع يعلن إخلاء مسؤوليته الكاملة عن اتخاذها مرجعا كاملا سواء للتشخيص أو العلاج، بل من أجل التعرف على معلومة طبية موثوقة يتم مراجعتها وتحديثها بشكل دوري كمؤشر عام يوجه في المقام الأول إلى الاهتمام بالحالة المرضية عبر رؤية وتدخل الجهات الطبية المنوطة.

أ / هبة مختار سليمان (أخصائية نفسية) مديرة قسم السيدات فرع اكتوبر

– تمهيدي ماجستير جامعة المنصورة. –دبلومة العلاج المعرفي السلوكي. – دورة تعديل سلوك مركز البحوث جامعة القاهرة اعداد البرامج العلاجية.

اكتب ردًا أو تعليقًا