كيف أتعامل مع مدمن الكحول لتفادي رفضه للعلاج

كيف اتعامل مع مدمن الكحول بشكل صحيح؟ يتطلب الأمر منا التعامل بحكمة وصبر بدلاً من اللجوء إلى أساليب قاسية، علينا أن نتوخى الحذر، فأفعاله قد تصل إلى حد الضرب والخيانة والعنف وإذا لم نحسن التصرف قد يزداد الأمر سوءا.. فإذا كنت واحدًا من الأشخاص الذين يتعاملون مع زوج أو أب او ابن مراهق مدمن على الخمور، عليك بذل كل جهدك من أجل الأخذ بيده وعلاجه.

اكتشفت مدمن كحول في بيتك: إليك ماذا تفعل للتعامل معه

لا شك أن اكتشاف إدمان أحد أفراد العائلة يمثل صدمة رهيبة، قد يكون هذا الشخص ابن مراهق أو زوج أو أب، لجأ إلى السكر وتعاطي الكحوليات والخمور للتخفيف من المشكلات والأعباء والضغوط النفسية التي يعاني منها، فأغلبهم اعتقدوا أن التعاطي سيساعدهم في تخطي مشاكلهم، وأغلب المراهقين انغمسوا في طريق الثمالة بسبب انضمامهم إلى رفقاء السوء، للشعور بالاستقلالية والنضج، أو لمواجهة الفشل أو الإحباط، ولم يدرك هؤلاء الأشخاص أن الإدمان ليس حلًا، بل بالعكس سيزيد من مشكلاتهم ويدمر حياتهم.

عند اكتشاف إدمان أحد أفراد الأسرة، من المهم التعامل مع الأمر بهدوء وحكمة، لأن اللجوء إلى أساليب غير صحيحة مثل: التوبيخ أو العنف، قد يأتي بنتائج عكسية، ويزيد من معاناته بدلاً من مساعدته على اجتياز تلك المرحلة العصيبة والشفاء، من الضروري معرفة أن الإدمان في الأصل حالة مرضية وليس مجرد انحراف سلوكي أو أخلاقي، وعلينا اتباع طريقة خاصة في التعامل مع مدمني الكحول، خطوات التعامل معه:

 

عادة ما يكون الأشخاص عاجزين عن اتخاذ القرار الصحيح في التعامل مع المدمن من أفراد أسرتهم عند اكتشاف المشكلة، ونوضح فيما يلي طرق التعامل الصحيحة:

حافظ على هدوئك

إن أول ما يواجهنا هو الصدمة المصحوبة بالقلق والتوتر، لكن من الضروري الحرص على الحفاظ على الهدوء النفسي عند التعامل معه؛ حتى نتمكن من التفكير السليم، واتخاذ القرار الصائب، كما أن بعض الأشخاص يلقون باللوم على أنفسهم وأنهم سببًا لإدمان ذويهم، يجب عليهم عدم الاستسلام لهذا التفكير.

احم نفسك

ردود أفعال المدمن غير مأمونة، لذلك من الضروري الحرص على حماية نفسك في المقام الأول وعدم إثارة غضبه، أو توبيخه ويفضل ألا تتعامل معه وهو في حالة الغضب بمفردك، يمكنك طلب المساعدة من أحد الأشخاص المقربين، وإذا أظهر مبادئ العنف اتصل بالشرطة حتى تتجنب تعريض نفسك للخطر.

لا تقم بالمهام نيابة عنه

الإدمان يُصعب على الشخص تحمل المسؤوليات وأداء المهام، وغالبًا ما يعتمد على من حوله لإنجاز المهمة، الذين يهرعون إلى مساعدته على الفور، لكن هذه المحاولة لتقديم المساعدة يمكن أن تبعث برسالة خاطئة وتجعله لا يدرك عواقب شربه للخمر أبدًا ويتمادى في أفعاله، لذلك، تراجع ودعه يتعامل مع الآثار اللاحقة لسلوكهم الإدماني ويلمس تبعاته السيئة.

لا تجمل السلوك السيئ

قد يترك مدمن الخمر عبوات أو زجاجات متناثرة في المنزل؟ أو بقع من القيء في الحمام؟ لا تتسرع في تنظيفه، دع الشخص الذي أحدث هذه الفوضى يشاهد ما أحدثه.

قدم الدعم والعاطفة

حاول فصل المشاعر السلبية التي تتملكك، وابذل قصارى جهدك لإظهار الحب غير المشروط، وأعطه عواطف إيجابية، واعمل على تعزيز الروابط الاجتماعية وشجعه على الانخراط في علاقات إيجابية مع الآخرين.

تحلى بالصبر

الإدمان هو اضطراب في الدماغ، في نهاية المطاف، وليس شيئًا يمكن التخلص منه بسهولة، قد يستغرق الأمر محاولات عديدة للعلاج قبل أن يحرز الشخص تقدمًا في التغلب عليه، ولا تتفاجأ بالتعثر فإن معدلات الانتكاس شائعة بين أولئك الذين يبحثون عن علاج للإدمان.

اطلب المساعدة الطبية

تذكر أنه شخص مريض يحتاج للرعاية والعلاج، لا تتردد في طلب المساعدة الطبية من المستشفيات المختصة بعلاج الإدمان وأفضلهم مركز دار الهضبة، والذي سوف يقلل عنك الكثير من الأعباء، ويتولى مرحلة العلاج من البداية للنهاية بطريقة احترافية تضمن عدم الانتكاس وتُجنبك التعرض للخطر.

ماذا لو كان المدمن عنيفا؟

قد يكون العنف والعدوانية أحد سمات شخصية مدمن الكحول الأساسية، هنا يجب علينا أن نحذر ونترقب ونختار اللحظات المناسبة للتعامل معه، السطور التالية توضح إجابة العديد من الأسئلة التي تدور في أذهان أفراد الأسر التي اكتشفت مدمنًا للتو خاصة لو كان يتعامل بعنف.

من أكثر المشاكل إيلاما التي تواجهه العديد من الأسر هو اكتشاف ابن مدمن عنيف يرفض العلاج لا يعرفون كيفية التعامل معه، وأول خطوة في التعامل السليم معه خاصة عند إبداء عنفه هو تجنب اللغة العدائية، احتضن ابنك، انطق اسمه وأخبره أنك لا ترغب في لومه أو إيذائه وأنك فقط تسعى لمساعدته، قم بإزالة الأثاث أو الأشياء التي قد يستخدمها الابن بشكل عدواني، وأطفئ الأضواء لأن ذلك قد يساعد في تهدئته، اشرح ما تفعله له، على سبيل المثال، قل: أنا فقط أقوم بنقل بعض الأشياء بعيدًا عن طريقك، حتى لا تؤذي نفسك.

أيضًا يعاني الكثير من الأبناء والبنات من افتقاد مشاعر الحنان والأمان والأبوة الصادقة، واليقين بدلًا منها العنف والخوف من أب مدمن يشرب الخمر ولا يصلي بعيد كل البعد عن أصول الدين ، يكون من المفيد عند التعامل مع هذا الأب الحرص على جعله يدرك أنك لا تقصد إزعاجه، وأنك فقط تريد الاهتمام به، ومساعدته، استمع إليه بإنصات إن تحدث وأظهر اهتمامك، أخبره أيضًا أن سلوكه يخيفك واطلب منه الهدوء، إذا اشتد السلوك، امنحه خيارات لمساعدته على الشعور بأنه لا يزال يمتلك السيطرة على عقله وقراراته، على سبيل المثال: إذا واصلت هذا الأمر، فسأضطر إلى مغادرة المنزل في الوقت الحالي، لكن إذا هدأت، ربما يمكننا إيجاد طريقة أخرى.

بالإضافة لذلك نسمع الكثير من عبارات الألم من نساء فقدن معنى الحياة الزوجية بسبب الإدمان يشتكين من زوج مدمن يشرب الكحول ويخون زوجته أو يضربها، وفي هذه الحالات على الزوجة أن تتخذ جميع احتياطاتها عند التعامل مع زوجها العنيف، ادعمي زوجك حتى يتمكن من العلاج وفي نفس الوقت حافظي على سلامتك، تجنبي النقاش الحاد تمامًا، ابدئي بمحاولة إشعاره بالأمان وعانقيه حتى يهدأ، استخدمي وضعية الجسم المفتوحة في العناق: الذراعان مفتوحتان، والكفان للأعلى، والرأس للأسفل لتمنحيه بعض المساحة الجسدية لتقليل مشاعر الحبس، انظري إليه نظرة المريض الذي يحتاج للمساعدة وليس المجرم الذي يلزم عقابه، وأخبريه بأضرار الكحول وكيف أفسد عليكما الحياة السعيدة، اطلبي منه أن يتخذ قرار العلاج ليعود الدفء إلى الأسرة.

بعد انتهاء نوبة العنف لدى الشخص، يجب الحرص على ما يلي:

  • أولاً، من الضروري اختيار وقت لا يكون فيه الشخص مخموراً ويكون فيه الجميع في أهدأ حالاتهم.
  • كن حازمًا فيما تريد قوله واسمح للشخص المدمن بالإفصاح عن مشاعره والأسباب التي أدت به إلى الإدمان.
  • استهدف المحادثة تجاه تصرفات الشخص، وليس الشخص نفسه.
  • استخدم عبارات “أنا” بدلاً من “أنت”، على سبيل المثال: “أنا أشعر بالخوف مما حدث.”
  • ضع القواعد والحدود معًا فيما يتعلق بسلوك الشخص وكن واضحًا بشأن عدم الالتزام.

خطة السلامة

خطة السلامة تتضمن ما يلي:

  • احتفظ بقائمة أرقام الهواتف المهمة في حال كنت بحاجة إلى التصرف بسرعة، قد يشمل ذلك أرقام هواتف خدمات الطوارئ والمستشفى المحلي أو مراكز الطوارئ الطبية، وجار أو صديق يعيش بالقرب منك وشخص يمكنه المساعدة في رعاية الأطفال، ضعي هذه القائمة في مكان خاص، يسهل الوصول إليه.
  • حدد مكان يمكنك الذهاب إليه لإجراء مكالمة هاتفية دون أن يسمعك الشخص المدمن.
  • حدد مكان آمن يمكنك الذهاب إليه أنت وباقي أفراد الأسرة إذا لزم الأمر.
  • احتفظ بالمستندات المهمة و الهوايات و البطاقات المصرفية والهاتف المحمول في أماكن يسهل التوصل إليها.

الامتناع عن الخمر ما هو إلا بداية

يعد الامتناع عن تناول الخمر بمثابة الخطوة الأولى والأساسية لمواجهة الانسحاب، ومع ذلك، فإنها لا تمثل سوى نقطة البداية نحو طريق طويل وتحديات شاقة للتحرر من هذه الآفة.

إن الامتناع عن الخمر قد يكون أمرًا صعبًا للغاية، لأن كلًا من الجسم والعقل قد اعتادا على الحصول على جرعة الكحول بانتظام، والحرمان منه سيؤدي إلى ظهور أعراض انسحاب قاسية على الشخص، تبدأ بالصداع والغثيان وقد تصل إلى التشنجات والهلوسة وبالطبع تكون مصحوبة بالعنف اللفظي والجسدي، ما قد يعرض الأشخاص المحيطين للخطر ويهدد حياة الشخص المدمن نفسه.

لذلك لا يكفي مجرد منع الابن أو الزوج أو الأب المدمن عن الخمر سواء بالاقتناع أو بالإجبار، إنما لا بد من إخضاع الشخص للعلاج من خلال أحد المؤسسات الطبية المتخصصة في علاج الإدمان مثل: مركز دار الهضبة. حيث سيخضع الشخص المدمن لمراقبة طبية دقيقة ويتلقى العلاجات الطبية اللازمة لمقاومة أعراض الانسحاب.

بعد ذلك، سيحتاج المريض إلى برامج مكثفة من العلاج النفسي لمعالجة الجوانب الأخرى للإدمان، لأن التخلص من الإدمان لا يتمثل في مجرد التوقف عن تناول الكحوليات، إنما هو عملية شاملة لإعادة بناء الفرد نفسيًا واجتماعيًا لمساعدته على التحرر من براثن الإدمان.

لذلك، فإن وقف تناول الكحوليات والامتناع عن الخمر هو مجرد البداية، وعلى الرغم من أنه خطوة بناءة وضرورية فإنه ليس كافيًأ للتغلب على الإدمان.

الخلاصة

التعامل مع مدمن الكحول ليس لها أسس واحدة، ولكنه يختلف في التنفيذ ما بين أب، وزوج، وابن، حسب الشخصية وطبيعة العلاقة، ويجب أن يكون التواصل دائم مع متخصص واستشارته فيما يتعلق بطرق التعامل، والأهم من ذلك يجب أن يخضع الشخص المدمن للعلاج في مستشفى متخصص لضمان التعافي لتجنب نوبات العنف دون تعريض حياة الشخص المدمن أو الأفراد المحيطين به للمخاطر.

للكاتبة/ د. بسنت محمود

تقدم مستشفى دار الهضبة محتواها تحت إشراف الأطباء المتخصصين كتابة ومراجعة من أجل الإجابة على كافة الاستفسارات الطبية حول الموضوع المتعلق بالمقال، غير أن كافة المعلومات الواردة ما هي إلا نظرة عامة قد لا تنطبق على جميع المرضى، ولا يستغنى بها عن الاستشارة الطبية المباشرة ومراجعة الأطباء، لذا الموقع يعلن إخلاء مسؤوليته الكاملة عن اتخاذها مرجعا كاملا سواء للتشخيص أو العلاج، بل من أجل التعرف على معلومة طبية موثوقة يتم مراجعتها وتحديثها بشكل دوري كمؤشر عام يوجه في المقام الأول إلى الاهتمام بالحالة المرضية عبر رؤية وتدخل الجهات الطبية المنوطة.

أ / هبة مختار سليمان (أخصائية نفسية) مديرة قسم السيدات فرع اكتوبر

– تمهيدي ماجستير جامعة المنصورة. –دبلومة العلاج المعرفي السلوكي. – دورة تعديل سلوك مركز البحوث جامعة القاهرة اعداد البرامج العلاجية.

اكتب ردًا أو تعليقًا