تحليل تصرفات مدمن المخدرات وشخصيته المعقدة وكيفية كشفها

العوامل الوراثية والبيئية يمكن أن تسهم في تطوير إدمان المخدرات. من المهم فهم تصرفات المدمنين والتعرف على شخصياتهم في وقت مبكر لزيادة فرص التعافي وتقديم الدعم اللازم. تلعب المعرفة والتفهم من قبل الأسرة والزوجة دورًا حيويًا في الوقاية وعلاج مشكلة الإدمان. يبرز هذا المقال أهمية فهم تصرفات المدمن على المخدرات والمتعاطي وفهم شخصية المصابين بالاضطراب العقلي الإدماني.

من هو مدمن المخدرات؟

الإدمان مرض عقلي، لذلك يعرف مدمن المخدرات على أنه مريض أصيب باضطراب دماغي مزمن نتيجة تعطيل آلية عمل المخ الطبيعية المتعلقة بنظام المكافأة والتحكم في السلوكيات والانفعالات وأنماط التفكير، لذلك من المتوقع أن تسيطر على مدمن تصرفات اضطرابية كلها مرتبطة بالاستخدام القهري والغير واع للمخدرات، وإذا لم يتم العلاج بشكل سريع قد يؤول الوضع إلى وفاة المدمن في النهاية.

غالبا التغيرات في شخصية المدمن حتى بعد التوقف عن التعاطي تستمر لمدة من الزمن حتى يستطيع المخ استعادة طبيعته. ورغم أن الإدمان يتسم بأنه مرض انتكاسي مثل الأمراض المزمنة الأخرى، وله أضرار متعددة على كل عضو من أعضاء الجسم إلا أن تعافي المدمن ممكنا عن طريق العلاج الممتد.

تأثير المخدرات على الشخصية

تؤثر المخدرات بشكل طاغ على المدمن مغيرة في سماته الشخصية ومحولة إياه لشخص تبرز فيه أكثر المواصفات التي يشار إليها بالاضطراب، وغالبا ما تكون أبعاد وصفات شخصية مدمن المخدرات تتميز ب:

  • السلبية على مستوى العاطفة وارتفاع معدلات القلق والتوتر والانفعال ويمكن تشخيص ذلك البعد ب “العصابية العالية”.
  • ضعف القدرة على التأقلم والتوافق مع الحياة والآخرين، لانخفاض سمة التعاطف والتواصل المرن مع الأنماط المختلفة، ويشخص ذلك البعد في شخصية المدمن ب ” ضعف التوافق والقبول”.
  • انخفاض القدرة على إحداث الفعالية والتنظيم، بالتالي ضعف الاجتهاد وبروز سمة الإهمال، ويسمى ذلك البعد ب “ضعف الضمير”.
  • القبول العالي للمخاطرة وذلك يسمى في تحليل الشخصية ب “الانفتاح الخطر على التجارب”.

ربما يكون هناك اختلاف في تلك المواصفات بالنسبة للمدمنين على حسب عدة عوامل أهمها نوع المخدر ومدة التعاطي، فمثلا نجد مدمن الحشيش أقل توترا وانفعالا، بينما مدمني المواد الأفيونية يقل معهم الإقبال على التجارب، في حين أن سمات التواصل الاجتماعي تختلف أو قد لا ترتبط بنشاط التعاطي ولكنها تتحدد حسب السمات الفردية الاكثر عمقا، ولكن الأكيد أن مدمن المخدرات يتحول إلى شخصية بمواصفات معقدة تحتاج إلى فهم تصرفاتها لنتمكن من فتح منافذ للتعامل معه بأقل أضرار ممكنه.

تحليل تصرفات مدمن المخدرات

قد يكون من السهل ملاحظة التحول الشديد في شخصية كل من تعاطى المخدرات لفترة طويلة وصولا لمرحلة الإدمان، بالطبيعة ستثار شكوكنا حوله بعدما يصبح غير قادر على احتواء الفوضى التي أحدثها في حياته وحياتنا.

ويمكن التأكد من أن الشخص يتعاطى مواد مخدرة خاصة إذا كنا نتعامل معه في بيت واحد من خلال تحليل وتتبع تصرفات مدمن المخدرات المتصلة بسلوكه العام والأكثر خصوصية المتمثلة في:

ما هي تصرفات مدمن المخدرات

الانفعال المزاجي

يطغى الانقلاب المزاجي على المدمن، وتأخذ معظم تصرفاته صبغة الانفعال والتوتر بسبب تأثير المخدرات على مقدرات نسبة كيمياء المخ المسؤولة عن الاتزان النفسي، وهنا يفقد المتعاطي القدرة على الحوار والاتصال الصحي بمن حوله.

الانفصال عن الأسرة

يؤثر الإدمان على علاقات المدمن بشكل شائع نتيجة تفكيره المنصب فقط في جرعة المخدر، مما يفسر تصرفاته في تجنب الاختلاط بالأسرة والابتعاد عن التفاعل الإيجابي معها متخذا العزلة والانطواء مسارا ثابتا لحياته.

الفوضوية والإهمال

معظم أنماط يوم كل المدمنين يلتصق بها صفة الفوضوية، حيث ينامون أثناء النهار ولفترات طويلة ومنخرطين في التعاطي النشط طوال الليل، غير عابئين بمظهرهم الخارجي مهملين أدنى مستويات النظافة الشخصية والتنظيم، بجانب إهمالهم الشديد لمهامهم الوظيفية والأسرية وضعف القدرة على تحمل المسؤولية وإنجاز المهام، بسبب الوهن الجسدي وضعف التركيز المصابين به.

الكذب والمراوغة

يختلق المخ بشكل كبير أكاذيب من أجل تسهيل الحصول على المخدر بعدما أصبح الدماغ يعتمد على المخدر كليا لإحداث التنظيم النفسي والشعوري للمدمن، لذا يرتكز تفكير مدمن المخدرات على الكذب والمراوغة بشكل مستمر لإشباع رغباته الإدمانية.

التهور والهلوسة

يكون تصرف المدمن في معظم الأحيان غريبا نتيجة ضعف بصيرته وتقديره للمواقف. عادة يرى  متعاطي المخدرات الأمور على غير حقيقتها نتيجة الاضطراب العقلي الذي نال منه ومن أمثلة ذلك: التهور والاندفاع والقيام بأنشطة تعرض حياته وحياة الآخرين للخطر، رؤية اشخاص وأشياء غير موجودة بسبب الهلوسة الذي يعاني منها مما يجعله يظهر سلوكيات غير طبيعية مثل حك الجلد، أو الاختباء دون سبب، التحدث مع النفس بصوت مرتفع، وقد تطغى عليه الأعراض الذهانية والفصامية مما يجعل المدمن يرى كل من حوله أعداء له لذلك قد يقوم بتصرفات معاديه بدافع الخوف او الدفاع عن نفسه نتيجة أوهامه.

العنف والعدوانية

لا شك أن فقدان سيطرة المدمن على أفكاره وسلوكياته تجعل معظم ردود أفعاله متسمة بالعنف والعدوانية في المواقف المختلفة خاصة تلك التي تقف ضد وصوله إلى جرعته المخدرة، وتتعاظم تلك الصفة عندما تنخفض نسبة المخدر مع ارتفاع رغبة التعاطي نتيجة حاجة المخ ومركز المكافأة لها.

قد تطغى الأعراض الانسحابية وتصل إلى أوج اضطرابها عند تأخر الجرعة، هنا قد ترتفع معدلات عنف مدمن المخدرات وقد ينتهج أساليب همجية لترويع الأهل من أجل حصول على الأموال.

قطع العلاقات والتورط في الأزمات المالية

مع تزايد الاضطراب تنعكس السلوكيات التي ينتهجها المدمن على علاقاته الصحية، حيث يخسر معظم العلاقات التي تربطه مع الأشخاص الأسوياء وينخرط بشكل كلي مع بيئة الإدمان مكونا علاقات ضارة مع المتعاطين، كما يتورط في الأزمات المالية وتراكم الديون، إذ ينفق أمواله للحصول على المخدرات.

الانحراف الجنسي

تؤثر المخدرات بشكل كبير على النشاط الجنسي للمدمنين، حيث ينخرط المدمن في سلوكياته جنسية منحرفة وغير مقبولة مما يسبب أمراض جنسية متعددة.

ومن جهة أخرى الاستخدام طويل المدى للمواد المخدرة يؤدي إلى البرود والضعف الجنسي لدى الرجال.

التورط في الأنشطة الغير قانونية

مع تعدد أزمات المدمن على المستوى الاجتماعي والأسري قد يتورط في أنشطة إجرامية متعددة، منها الاعتداءات الجسدية والجنسية، الإتجار في المخدرات، الابتزاز، السرقة بالإكراه وقد يصل الأمر بمدمن المخدرات إلى ارتكاب جرائم القتل.

هل يمكن إنقاذ المدمن؟

رغم آثار إدمان المخدرات والتي تحدث اصطرابا واضحا وتعقيدات على كافة المستويات مازال إمكانية إنقاذ المدمن من عواقب تصرفاته وصفاته ممكنة، خاصة إذا تم اكتشاف أمر الإدمان مبكرا وذلك من خلال إخضاعه لبرامج علاج الإدمان المهنية والتي ثبت فعاليتها وقدرتها على مساعدة المدمنين في التخلص من سموم المخدرات واسترداد طبيعتهم وتقويم سلوكهم الإدماني عبر العلاج النفسي والتأهيل السلوكي.

تعتمد برامج علاج الإدمان في نجاحها على تحديد الخطة العلاجية الناجحة على مواصفات مدمن المخدرات الفردية ووضع أفضل الاستراتيجيات الدوائية والمعالجة النفسية والسلوكية، لذلك خطط العلاج تعد فردية بحتة تحتاج إلى متخصصين يتمتعون بالخبرة والكفاءة.

ومن أشهر مرافق علاج الإدمان التي يمكن الانتساب إليها مركز دار الهضبة للطب النفسي وعلاج الإدمان نظرا لتوفيره كافة المتطلبات من بيئة آمنة، كادر متخصص، خطط دقيقة، وتحقيق نسب تعافي عالية. تواصل معنا عبر رقم 01154333341.

الخلاصة

غالبا ما يحتاج كل من يشك في أمرشخص حول تعاطيه للمخدرات معرفة أبعاد شخصية المدمن وانعكاس تأثير سموم المخدر على تصرفاته وأفعاله، من اجل التأكد من الحالة والتعامل معها على نحو صحيح لإنقاذه وحماية الجميع من المخاطر المحتملة.

في ذلك المقال قدمنا تعريفا لمدمن المخدرات وكشفنا عن سمات شخصيته الرئيسية، بجانب تحليل تصرفات المدمن وكيفية إنقاذه.

للكاتبة/ ا. الهام عيسي

الأسئلة الشائعة

هل المدمن يدرك؟

تختلف درجة إدراك المدمن وتمييزه تبعا لشدة حالته الإدمانية، ولكن غالبا يصاب مدمني المخدرات بضعف الاستيعاب والتقدير نتيجة التأثير السلبي للمخدرات على القشرة الجبهية المسؤولة عن تلقي المعلومات وتحليلها، مما يسبب تشوه في الإدراك وطغيان السلوكيات الغير واعية.

هل يتخيل المدمن أشياء؟

دوائر الدماغ تتأثر بشكل بالغ نتيجة تراكم سموم المخدرات، وهذا من شأنه أن يجعل المخدرات سببا رئيسيا في الإصابة بالهلوسة، لذلك من الواراد أن يصاب المدمن بالأوهام ويدخل في دوائر تخيل الاشياء والمواقف والأشخاص، خاصة إذا شخصت حالته بالإصابة بالبارانويا. 

كيف يفكر مدمن المخدرات؟

تتعقد أنماط تفكير مدمن المخدرات وتتشابك ما بين الشك فيمن حوله، وسوء تقدير تصرفات الآخرين، ولكن ما يستحوذ على جزء كبير من تفكيره هو إما كيفية الحصول على المخدر أو محاولة تخفيف آثاره وأضراره، بينما تفاعله الاجتماعي غالبا ما يكون مثير للمشكلات يغلب عليه الوسواس والارتياب، هذا بجانب تفكيره في ذاته على نحو غاضب وإحساسه الدائم بالذنب، لذلك يفكر المدمن على نحو غير مستقر دون نسق محدد ولكنه يتسم عموما بالاضطراب. 

تقدم مستشفى دار الهضبة محتواها تحت إشراف الأطباء المتخصصين كتابة ومراجعة من أجل الإجابة على كافة الاستفسارات الطبية حول الموضوع المتعلق بالمقال، غير أن كافة المعلومات الواردة ما هي إلا نظرة عامة قد لا تنطبق على جميع المرضى، ولا يستغنى بها عن الاستشارة الطبية المباشرة ومراجعة الأطباء، لذا الموقع يعلن إخلاء مسؤوليته الكاملة عن اتخاذها مرجعا كاملا سواء للتشخيص أو العلاج، بل من أجل التعرف على معلومة طبية موثوقة يتم مراجعتها وتحديثها بشكل دوري كمؤشر عام يوجه في المقام الأول إلى الاهتمام بالحالة المرضية عبر رؤية وتدخل الجهات الطبية المنوطة.

أ / هبة مختار سليمان
أ / هبة مختار سليمان

(أخصائية نفسية) مديرة قسم السيدات فرع اكتوبر – تمهيدي ماجستير جامعة المنصورة. –دبلومة العلاج المعرفي السلوكي. – دورة تعديل سلوك مركز البحوث جامعة القاهرة اعداد البرامج العلاجية.

عرض

اكتب ردًا أو تعليقًا