قصص وتجارب مدمنين على الهيروين من المعاناة حتى النجاة

تجارب مدمنين على الهيروين تبدأ بنشوة ثم تمر بالاعتياد ثم الإدمان منهم من يخرج إلى طريق التعافي ومنهم من يظل في المستنقع إلى أن ينتهي به الأمر بمأساة، التجارب صعبة بما فيها من مراحل الانحدار وتأثير المخدر على العقل والإدراك ثم المرور بالجرعات الزائدة أو الصحوة والإصرار على التعافي مع تحمل أعراض الانسحاب ومقاومة الرغبة الملحة في تعاطي المخدر ثم الانفراجة والأمل. من قلب معاناة المدمنين نسرد لكم قصصًا حقيقية تبين لكم خطورة المخدر وخطورة التجربة وكيفية العلاج..

تجربتي مع إدمان الهيروين وكيف تخلصت منه

بدأت قصتي مع إدمان الهيروين عندما كنت في المدرسة، نعم فأنا كنت من طلاب أحد المدارس الدولية، الطلاب فيها يفعلون ما يحلو لهم ويجربون كل ما هو جديد، وفرة النقود كانت وبالًا على مجموعة بأكملها.

عرض علي صديق تجربة الهيروين كنوع من التسلية وكسر الملل، رفضت في بداية الأمر لكن عندما رأيت أثره عليهم والسعادة الغامرة التي غمرتهم فور التعاطي شعرت بالفضول وأخذت منه بعض البودرة لتجربتها بالفعل شعرت بعاصفة من السعادة تجتاحني وكأن الحياة تبدلت ولم يعد للملل مكان ولم أعد أفكر في أي مشكلة، لذا كان تكرار التجربة سهلًا.

بدأت أتعاطى الهيروين بانتظام لتكرار الشعور بالسعادة مرة أخرى ولكن بعد فترة لم تعد كمية المخدر تكفي لأشعر بنفس السعادة والنشوة بل حل مكانها الكآبة والضيق وبدأت أعاني آلام متفرقة في جسمي وذلك بسبب تأثير المخدر على مراكز الألم بالمخ.
أثر المخدر على وظائفي الحيوية وبدأت أعاني صعوبة التنفس كما أثر على المراكز العصبية بالمخ وبدأت أفقد التركيز وانتابتني حالة من البلادة واللامبالاة فأنا أسمع الجميع ولكني لا أهتم بما يثار من حولي وفقدت الكثير من وزني لشعوري دائمًا بالامتلاء نتيجة الاضطرابات الهضمية التي يسببها التعاطي.

بدأت أشعر بما أمر به من تغيرات في جسمي وطباعي وحتى ملامحي تغيرت فأصبح وجهي شاحبًا دائمًا وازدادت الهالات حول عيني كما بدأت أعاني مشكلات في أنفي نتيجة استنشاق المخدر.
وكانت اللحظة الفاصلة حين استلمت نتيجتي في الصف الثاني الثانوي لقد رسبت وهنا وقفت مع نفسي وقفة وقررت ترك الإدمان فأنا لم أكن سعيد بإدماني صارحت أهلي بقولي أنا مدمن هيروين وطلبت المساعدة منهم بالطبع شعروا بالصدمة لكنهم اتخذوا خطوات جادة لحل المشكلة.
بحثنا عن أفضل مركز لعلاج الإدمان والتعامل مع أعراض الانسحاب والتأهيل النفسي لذلك اخترنا مركز دار الهضبة للطب النفسي وعلاج الإدمان وتوجهنا إليها.

لم تكن تجربتي في علاج الهيروين بالصعوبة التي كنت أتخيلها عندما قررت طلب المساعدة والعلاج.فقد كان أطباء المركز متعاونون معنا وشرحوا لنا خطوات العلاج التي تبدأ باعتراف المدمن بالمشكلة وعزمه على التعافي ثم خطوة سحب السموم من الجسم ثم مرحلة العلاج والتأهيل النفسي لمنع الانتكاس.

بالفعل بدأت مرحلة سحب السموم والتي ساعدني الأطباء فيها ببعض الأدوية لتخفيف أعراض الانسحاب وبعد حوالي أسبوعين من سحب السموم الخاصة بالهيروين من الجسم انتهت أعراض الانسحاب الحادة وبدأت اتأهل العلاج النفسي.

رغم مرور فترة كبيرة على العلاج إلا أني أشعر برغبة في التعاطي لذا ما زلت أتردد على جلسات التأهيل النفسي ولكني أشعر بفارق كبير في حياتي فأنا أبدأ مرحلة جديدة الآن بعد تجربتي مع إدمان الهيروين التي كانت نقطة فاصلة في حياتي لأنني أدركت قيمة الحياة وأن يكون عقلك يقظًا واعيًا لكل ما حولك.

حكاية متعاطي وجرعة زائدة

يروي هذا الشاب قصته قائلًا: كنت استهزيء بكل من يشرب تلك السموم وانتهى بي الأمر وأنا مثلهم نعم هذا حال من يستمر في علاقة مسمومة، لم أكن أصدق أن أصدقاء السوء يمكنهم التأثير علي حتى ذلك اليوم الذي تشاجرت فيه مع زوجتي.
ذهبت إلى أصدقائي في المقهى حتى أسري عن نفسي هموم الزواج والإنفاق على البيت والأولاد فنصحني صديق بتدخين سيجارة لم أكن أعرف ما بها، ولكن قبل انتهائي منها أدركت أن بها شيئًا، لم أتوقف ولم أوبخ صاحبي فقد شعرت ببهجة أفتقدها منذ سنوات.

تكرر الأمر في اليوم الثاني والثالث حتى صرت أبحث عن صاحبي وبعد أن كانت السيجارة هدية بدأ يطالب بثمنها وبدأ ينصحني بالاستنشاق أو الحقن كطرق تعطي نشوة عالية عند تعاطي الهيروين، بالطبع خفت من الحقن لكني جربت الاستنشاق وأصبحت عبدًا للمخدر، ولكن بدأ مفعول الجرعة يقل ولم أعد أشعر بنفس المشاعر المبهجة وانتابتني آلام شديدة في جسدي لذا كنت أزيد جرعة المخدر في كل مرة.

وفي يوم وصل بي الجنون إلى أقصى حد أخذت مصوغات زوجتي دون أن تدري وذهبت لأشتري هذا السم، بالطبع كان المبلغ كبيرًا فأخذت ما يكفيني وزيادة لكني تعاطيت أربعة أضعاف الجرعة المعتادة من الهيروين لذا شعرت بهبوط حاد وضيق وألم شديد بصدري حاولت أن أعود إلى بيتي فلم أفلح وسقطت في الشارع مغشيًا علي.

استفقت في المركز وقال لي أحد الأطباء أن المارة نقلوني على الفور لأقرب مركز طوارئ الذين شكوا بالطبع في جرعة زائدة من المخدر وبعد الفحص تعاملوا مع الموقف بكل حرفية، اتصل أحد الأشخاص بزوجتي وابنتي الذين حضروا على وجه السرعة.
وقتها نظرت إليهم وأنا لا أصدق ما فعلته بهم وبنفسي لقد كدت أموت وأتركهم مع نظرات اللوم من الأطباء والممرضات اتخذت قراري بالإقلاع عن الإدمان وبالفعل بحثت عن مركز لعلاج الإدمان والتأهيل النفسي حتى استقر رأيي ورأي زوجتي على دار الهضبة.
حاولت إقناع الأطباء بتلقي علاجي في المنزل ولكنهم رفضوا ذلك بشدة لأن أعراض الانسحاب مع الكميات التي كنت أتعاطاها ستكون شديدة ولن أستطيع التحكم في انفعالاتي حينها وربما أؤذي أهلي، لذا بدأت العلاج بالمركز وبعد مرور فترة الانسحاب بدأت أخضع للعلاج النفسي والتأهيل لضمان عدم العودة مرة أخرى.

وها أنا الآن إنسان جديد يتحدث لكم ويروي القصة لتأخذوا منها العبرة قصة إنسان عاد من الموت بأعجوبة.

كيف تركت الهيروين بعد ادمان سنين

يقول صاحب القصة أنا موظف في أحد الجهات الحكومية بالدولة كدت أفقد عملي بسبب الإدمان، بدأت قصتي مع المخدر في جلسة سهر كالعادة مع أصدقائي ومن وقتها لم أستطع ترك البودرة فقد كنت أشعر بالسعادة فقط حين اتعاطاها.
استمر الأمر على هذا الحال لسنوات وكدت أخسر بيتي وحياتي عدة مرات وفي يوم من الأيام المعدودة فوجئت بقرار إداري للموظفين لعمل تحليل مخدرات بالمستشفى الحكومي بجانب المصلحة التي أعمل بها.

طبعًا لم أكن أتخيل أنني سأواجه هذا الأمر لذا سألت كثيرًا عن كيفية تنظيف الجسم من الهيروين ولم أجد طريقة إلا منع التعاطي وحتى بعد هذا لن يخرج المخدر من الجسم بالسرعة التي أرغب فيها فهو يستغرق 48 ساعة للخروج من البول.
بالطبع لم أذهب للتحليل في اليوم التالي وحاولت الإقلاع من نفسي لكني لم أستطع وقدمت أعذارًا كثيرة لمديري إلى أن صارحني المدير إن لم أتوجه لعمل التحليل في المستشفى به سأخسر وظيفتي.
في هذا اليوم توجهت إلى البيت وأنا أكاد أجن سأفقد عملي الوحيد، صارحت زوجتي بالأمر، وفي الحقيقة كان رد فعلها مفاجئًا لي فلم تندهش من الأمر بل نظرت لي مطولًا وقالت كنت أعلم لقد تغيرت منذ فترة طويلة وكنت أبحث وأجد أدوات التعاطي والمواد المخدرة وكنت أدعو الله أن تستفيق من تلك الغيبوبة.

ثم أكملت كلامها والآن هذا هو دورك لتقرر هل ستتخذ قرار التعافي وتستعيد وظيفتك أم تخسر كلانا، بالطبع اخترت التعافي فبالرغم من شعور السعادة الذي أشعر به مع التعاطي إلا أن المخدرات حولتني إلى حيوان بمعنى الكلمة متبلد المشاعر والأحاسيس.

لذا توجهنا إلى مركز لعلاج الإدمان قضيت به ما يقارب الشهر بين سحب السموم وأعطاني الأطباء بعض الأدوية منها (الميثادون، والنالوكسون) ثم التأهيل النفسي وخرجت على وعد باستكمال جلسات التأهيل النفسي لمقاومة الرغبة الشديدة في العودة إلى التعاطي وفي تلك الأثناء كانت زوجتي تقدمت بطلب إجازة إلى العمل ووافقوا عليها.

والآن أنا أحمد الله أن أخرجني من هذه المحنة بعد استمرار سنين من الانحدار والسقوط.

الخلاصة

تجارب مدمنين على الهيروين أخذنا منها العبرة والعظة وتعرفنا كيف يغير الإدمان الأشخاص ويدمر مستقبلهم كما عرفنا دور الأسرة والدعم النفسي في العلاج ودور المراكز المتخصصة في تخطي الفترات الصعبة من سحب السموم والتغلب على الرغبة الملحة في العودة إلى الإدمان.

للكاتبه/ د. غادة

تقدم مستشفى دار الهضبة محتواها تحت إشراف الأطباء المتخصصين كتابة ومراجعة من أجل الإجابة على كافة الاستفسارات الطبية حول الموضوع المتعلق بالمقال، غير أن كافة المعلومات الواردة ما هي إلا نظرة عامة قد لا تنطبق على جميع المرضى، ولا يستغنى بها عن الاستشارة الطبية المباشرة ومراجعة الأطباء، لذا الموقع يعلن إخلاء مسؤوليته الكاملة عن اتخاذها مرجعا كاملا سواء للتشخيص أو العلاج، بل من أجل التعرف على معلومة طبية موثوقة يتم مراجعتها وتحديثها بشكل دوري كمؤشر عام يوجه في المقام الأول إلى الاهتمام بالحالة المرضية عبر رؤية وتدخل الجهات الطبية المنوطة.

أ / هبة مختار سليمان (أخصائية نفسية) مديرة قسم السيدات فرع اكتوبر

– تمهيدي ماجستير جامعة المنصورة. –دبلومة العلاج المعرفي السلوكي. – دورة تعديل سلوك مركز البحوث جامعة القاهرة اعداد البرامج العلاجية.

اكتب ردًا أو تعليقًا